المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت | الأحد |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | 3 | ||||
4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 |
11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 |
18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 |
25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
بطلان المسح على الجورب
صفحة 1 من اصل 1
بطلان المسح على الجورب
للدكتور: أحسن زقّور أستاذ الفقه وأصوله بجامعة وهران.
تعريف الجورب: هو ما يشبه الخف مصنوعاً من قطن أو كتان أو غيرهما غير الجلد.
قال في الدر الثمين ص 130: (لا يمسح على الجورب وهو: ما كان على شكل الخف من كتان أو صوف أو غير ذلك إلا أن يكون من فوقه ومن تحته جلد مخروز، ففوقه: فأعلى ظاهر القدم، وتحته: ما يلي الأرض، ولا ما يلي بِشرة الرِجل، والحاصل: أنه يشترط مباشرة المسح للجلد كان تحت غيره أم لا، فإذا لبس الخف فوق الرَّيْحِيَّة نحواً وفوق خِرَقٍ: مسح عليه، وإذا لبسه تحت ما ذكر: فلا يمسح لكونه حائلاً بين المسح والخف) اﻫ.
قال ابن عبد البر في الكافي ج 1 ص 178: (فإن كان الجوربان مجلَّدين كالخفين: مسح عليهما، وقد روي عن مالك منع المسح على الجوربين وإن كانا مجلَّدين) فممَّا تقدم يتبيّن لنا أن الجورب على نوعين:
1- الجورب غير المجلَّد وهو المصنوع من الخِرَق والكتان وما إلى ذلك، وهذا لا يجوز المسح عليه لعدم الترخيص بمسحه، لعدم المشقة في نزعه ولبسه، والأصل: الغسل، بآية الوضوء: ﴿يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إلَى المَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إلَى الكَعْبَيْنِ﴾ المائدة: 06.
2- الجورب المجلَّد ويسمى الجرموق وهو نوعان:
أ- ما له جلد خارجي وجلد باطني، أي: جلد لصق بجلد وهذا لا يصح المسح عليه كذلك لأن الجلد الظاهر عُدَّ حائلاً، ومن شروط المسح على الجورب ألا يكون المسح على حائل.
قال في الدر الثمين ص 131: (ولا يمسح على نجس الذات كجلد الخنـزير أو بمتنجس كجلد مذكى تنجَّس، ولا على جلد لصق بعضه على بعض على هيئة الخف ولا على الخف لا يستر الكعبين ولا على ذي الْخَرق الكثير وهو الذي يظهر معه جل القدم على المنصوص) اﻫ.
والشاهد: ولا على جلد لصق بعضه على بعض على هيئة الخف وهو الجرموق أو الجورب
ب- ما له جلد على ظاهره وهو ما يلي السماء،وجلد على باطنه وهو ما يلي الأرض وهذا الجورب يسمى الجرموق أو الموق، وهو الذي يجوز المسح عليه لورود الرخصة في المسح عليه.
قال في غريب ألفاظ المدونة ص 18: (الجرموق: هو موق يبلغ إلى نصف الساق، يُلبس على موق آخر، وربما لبس فوق خف آخر، والخف: الموق).
قال في الصحاح ص 507: (الموق: الذي يلبس فوق الخف، فارسي معرب).
قال في القاموس الجديد ص 1169: (موق: خف غليظ يلبس فوق الخف).
وقال في المنتقى ج 1 ص 82: (الجرموق: وهو خف ملبوس على خف - هو خف غليظ لا ساق له).
دليل جواز المسح على الجرموقين: ما رواه الترمذي: "عن النبي أنه توضأ ومسح على الجرموقين والنعلين"، والقياس على المسح على الخفين.
قال في المنتقى ج 1 ص 82: (واختلف قول مالك في جواز المسح على الجرموق: فأجازه مرة وأخذ به ابن القاسم، ومنعه مرة. ووجه الجواز: أن هذا خف يمكن متابعة المشي فيه غالباً. ووجه الرواية الثانية (المنع): أن المسح على الخف أبيح لضرورة مشقة خلعه ولبسه، وذلك معدوم في الجرموق كالنعل، واستدل القاضي أبو محمد في ذلك (أي: في المنع) بأنه ملبوس على ممسوح، فلم يجز أن يمسح في الوضوء لغير ضرورة كالعمامة، فاقتضى استدلاله أن الجرموق هو خف ملبوس على خف، وقال القاضي أبو الحسن: الجرموق هو الخف فوق الخف). وقال ابن حبيب: (هو خف غليظ لا ساق له).
وقال في الذخيرة ج 1 ص 332: (قال في المدونة: كان مالك يقول: يمسح على الجرموقين أسفلهما جلد يبلغ موضع الوضوء مخروز، ثم رجع عن ذلك).
قال صاحب الطراز: (والجرموقان على ظاهر الكتاب (أي: المدونة) الجوربان المجلدان).
قال ابن حبيب: (هما الخفان الغليظان لا ساق لهما)، وهذا الذي قاله ابن حبيب هو المعروف. ونقل ابن بشير: (هما خف على خف) فيكون فيهما ثلاثة أقوال.
حجة الجواز ما رواه الترمذي: "أنه توضأ ومسح على الجرموقين والنعلين"، وروي ذلك عن عمر وابن عباس وجماعة من السلف، (وهذه الأحاديث قد ضعّفها أبو داود وترك العمل بها كل من يشترط الصحة في الحديث).
ومن جهة الثاني (عدم الجواز): أن القرآن اقتضى الغسل، فلا يخرج عنه إلا بمتواتر مثله وهذه الأحاديث (غير متواترة لا لفظاً ولا معنى) ولم يخرجها (ولم يأخذ بها) أحد ممن اشترط الصحة في الحديث، وقد ضعفها أبو داود، بخلاف أحاديث الخفين فإنها متواترة، (تواتراً معنوياً، فهي في درجة آية الوضوء من حيث التواتر) ولأنهما (أي: الجرموقين) بمنـزلة اللفائف، واللفائف لا يمسح عليها، وأما ما يروى عن السلف فمحمول على المجلَّدين) انتهى.
2- آراء أئمة المذاهب الأربعة في حكم المسح على الجوارب:
1- المالكية: قالوا: لا يصح المسح على الخف إلا إذا كان متخذاً من الجلد، وأن يكون مخروزاً، وأن لا يقصد بلبسه مجرَّد الزينة والرفاهية.
وجوَّز الإمام مالك رحمه الله المسح على الجوربين إذا جُلِّد ظاهرهما وباطنهما، ولكنه نهى عن ذلك مرة أخرى.
قال ابن القاسم في المدونة: (كان مالك يقول في الجوربين يكونان على الرِجلِ وأسفلهما جلد مخروز وظاهرهما جلد مخروز أنه يُمسح عليهما، ثم رجع فقال: لا يُمسح عليهما).
فانظر يرحمك الله كيف نهى الإمام مالك عن المسح على الجوارب ولو كانت مجلَّدة، فكيف بالقطنية ؟
وقال القاضي عبد الوهاب في المعونة: (لا يجوز المسح على الجوربين غير المجلَّدين).
وقال الإمام القرافي في الذخيرة: (أما إن كانت مصنوعة من المطاط أو الصوف أو الكتان أو القطن ونحو ذلك فلا يصح المسح عليها، لأنها لم تكن خفافاً مستعملة عند العرب، ولا تعم الحاجة إليها، ولم ترد الرخصة بها).
2- الحنفية: قالوا: لا يصح المسح على الخف إلا إذا تمكن لابسه من متابعة المشي به مسافة فرسخ فأكثر، بحيث يصلحان للمشي بهما من غير أن يلبس عليهما، والفرسخ ثلاثة أميال، اثني عشر ألف خطوة، فإن لم يصلحا لذلك، فإن المسح عليهما لا يصح.
قال أبو حنيفة: (لا يجوز المسح على الجوربين، إلا أن يكونا مُجلَّدين أو مُنعَّلين، لأن الجورب ليس في معنى الخف، لأنه لا يمكن مواظبة المشي فيه، إلا إذا كان مُنعَّلا، وهو محمل الحديث المجيز للمسح على الجورب)، وحكي عنه المنع مطلقاً.
والمجلَّد هو الذي وُضع الجلد أعلاه وأسفله، والمنعَّل هو الذي داخله صوف وخارجه جلد.
3- الشافعية: قالوا: لا يصح أن يمسح عليه إلا إذا كان يصلح لأن يقضي المسافر وهو لابسه حوائجه يوماً وليلة، فاشترطوا للمسح عليه إمكان السفر وقضاء الحوائج به.
قال الشافعي: (لا يجوز مسح الجوربين إلا أن يكونا مُنعَّلين يمكن متابعة المشي فيهما) ومعنى منعَّلين أي: داخلهما صوف وخارجهما جلد.
4- الحنابلة: قالوا: يشترط أن يتمكن لابسه من تتابع المشي فيه، ولم يُقدِّروا لذلك مسافة معيَّنة، بل قالوا: المعوَّل في ذلك على العرف. فمتى أمكن عرفاً أن يمشي به، فإنه يصح المسح عليه.
قال أحمد بن حنبل: (إذا كان يمشي عليهما ويثبتان في رجليه فلا بأس).
وجوارب اليوم لا يمشي عليهما إلا المجانين، ولا يثبتان على الرِجل لأنهما يتمزّقان لو مشينا عليهما
قال ابن قدامة في المغني: (قد قال أحمد لا يجزيه المسح على الجورب، حتى يكون جورباً صفيقاً -أي: لا ينفذ منه الماء إلى القدم- يقوم قائماً في رِجله لا ينكسر مثل الخفين، إنما مسح القوم على الجوربين، لأنه كان عندهم بمنـزلة الخف يقوم مقام الخف في رِجلِ الرجل يذهب فيه الرجل ويجيء).
وقال ابن تيمية في الفتاوى: (يجوز المسح على الجوربين إذا كان يمشي فيهما).
ومعناه: إذا كانا رقيقين لا يمكن متابعة المشي فيهما فلا يجوز المسح عليهما.
ونحن نرى أن جوارب اليوم لا تلبس إلا مع الحذاء، ولا يمكن المشي عليها، وما رأينا أحداً مسح على جواربه وصلى ثم خرج يتجوَّل فيهما في الشارع.
الخلاصة:
من خلال اطلاعنا على آراء أئمة المذاهب الأربعة يتبين لنا أن الجوارب التي رخَّص الفقهاء بالمسح عليها هي ما كان يستعمل للمشي، بحيث يكون داخله صوفاً أو قطناً وخارجه جلداً -من الأعلى والأسفل- حتى يتمكن لابسه من متابعة المشي عليه، وأن يكون ثخيناً لا ينفذ منه الماء إلى القدم.
أما جوارب اليوم فإنها رقيقة غير مجلَّدة، ولا يمكن متابعة المشي بها، وينفذ منها الماء إلى القدم.
ومن هنا يتبيَّن لكل مسلم متجرِّد للحق متبعاً للنبي والصحابة والسلف الصالح، أن المسح على الجوارب باطل ولا يجوز، ولا تصح الصلاة به.
لأن من المعلوم أن مصادر التشريع عند المسلمين أربعة وهي: القرآن والسنة والإجماع والقياس.
- فأما القرآن الكريم فأمر بغسل الرِجلين عند الوضوء.
- وأما النبي فأمر بغسل الرِجلين عند الوضوء وكان يغسل رجليه، ورخّص في المسح على الخفين المجلَّدين -الحذاء المصنوع من جلد- لمشقة نزعهما. "والمشقة تجلب التيسير".
ولا يوجد حديث أو أثر صحيح في جواز المسح على الجوارب القطنية الموجودة اليوم.
- أما الإجماع فقد أجمع أئمة المذاهب الأربعة على بطلان المسح على الجوارب القطنية، ورخصوا في المسح على الجوارب المجلَّدة من أعلى وأسفل، واشترطوا إمكان متابعة المشي بها عادةً لقضاء الحوائج، وأن تكون ثخينة لا ينفذ منها الماء إلى القدم. وهذه غير متوفرة اليوم.
- أما القياس: فلا يصح قياس الجورب على الخف لأنه قياس مع الفارق، فالجورب لا يشبه الخف في شيء كما هو مبيَّن في المطوية الأخرى. والقاعدة: "أن الرخص لا يقاس عليها وإنما يقتصر فيها على ما ورد".
وقد حقق هذه المسألة مجموعة من العلماء خلصوا فيها إلى بطلان المسح على الجوارب القطنية.
وقال الشيخ محمد علي الصابوني في خلاصة تحقيقه: (لا يمسح على الجوارب الرقيقة إلا من رقَّ دينه وعقله).
تعريف الجورب: هو ما يشبه الخف مصنوعاً من قطن أو كتان أو غيرهما غير الجلد.
قال في الدر الثمين ص 130: (لا يمسح على الجورب وهو: ما كان على شكل الخف من كتان أو صوف أو غير ذلك إلا أن يكون من فوقه ومن تحته جلد مخروز، ففوقه: فأعلى ظاهر القدم، وتحته: ما يلي الأرض، ولا ما يلي بِشرة الرِجل، والحاصل: أنه يشترط مباشرة المسح للجلد كان تحت غيره أم لا، فإذا لبس الخف فوق الرَّيْحِيَّة نحواً وفوق خِرَقٍ: مسح عليه، وإذا لبسه تحت ما ذكر: فلا يمسح لكونه حائلاً بين المسح والخف) اﻫ.
قال ابن عبد البر في الكافي ج 1 ص 178: (فإن كان الجوربان مجلَّدين كالخفين: مسح عليهما، وقد روي عن مالك منع المسح على الجوربين وإن كانا مجلَّدين) فممَّا تقدم يتبيّن لنا أن الجورب على نوعين:
1- الجورب غير المجلَّد وهو المصنوع من الخِرَق والكتان وما إلى ذلك، وهذا لا يجوز المسح عليه لعدم الترخيص بمسحه، لعدم المشقة في نزعه ولبسه، والأصل: الغسل، بآية الوضوء: ﴿يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إلَى المَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إلَى الكَعْبَيْنِ﴾ المائدة: 06.
2- الجورب المجلَّد ويسمى الجرموق وهو نوعان:
أ- ما له جلد خارجي وجلد باطني، أي: جلد لصق بجلد وهذا لا يصح المسح عليه كذلك لأن الجلد الظاهر عُدَّ حائلاً، ومن شروط المسح على الجورب ألا يكون المسح على حائل.
قال في الدر الثمين ص 131: (ولا يمسح على نجس الذات كجلد الخنـزير أو بمتنجس كجلد مذكى تنجَّس، ولا على جلد لصق بعضه على بعض على هيئة الخف ولا على الخف لا يستر الكعبين ولا على ذي الْخَرق الكثير وهو الذي يظهر معه جل القدم على المنصوص) اﻫ.
والشاهد: ولا على جلد لصق بعضه على بعض على هيئة الخف وهو الجرموق أو الجورب
ب- ما له جلد على ظاهره وهو ما يلي السماء،وجلد على باطنه وهو ما يلي الأرض وهذا الجورب يسمى الجرموق أو الموق، وهو الذي يجوز المسح عليه لورود الرخصة في المسح عليه.
قال في غريب ألفاظ المدونة ص 18: (الجرموق: هو موق يبلغ إلى نصف الساق، يُلبس على موق آخر، وربما لبس فوق خف آخر، والخف: الموق).
قال في الصحاح ص 507: (الموق: الذي يلبس فوق الخف، فارسي معرب).
قال في القاموس الجديد ص 1169: (موق: خف غليظ يلبس فوق الخف).
وقال في المنتقى ج 1 ص 82: (الجرموق: وهو خف ملبوس على خف - هو خف غليظ لا ساق له).
دليل جواز المسح على الجرموقين: ما رواه الترمذي: "عن النبي أنه توضأ ومسح على الجرموقين والنعلين"، والقياس على المسح على الخفين.
قال في المنتقى ج 1 ص 82: (واختلف قول مالك في جواز المسح على الجرموق: فأجازه مرة وأخذ به ابن القاسم، ومنعه مرة. ووجه الجواز: أن هذا خف يمكن متابعة المشي فيه غالباً. ووجه الرواية الثانية (المنع): أن المسح على الخف أبيح لضرورة مشقة خلعه ولبسه، وذلك معدوم في الجرموق كالنعل، واستدل القاضي أبو محمد في ذلك (أي: في المنع) بأنه ملبوس على ممسوح، فلم يجز أن يمسح في الوضوء لغير ضرورة كالعمامة، فاقتضى استدلاله أن الجرموق هو خف ملبوس على خف، وقال القاضي أبو الحسن: الجرموق هو الخف فوق الخف). وقال ابن حبيب: (هو خف غليظ لا ساق له).
وقال في الذخيرة ج 1 ص 332: (قال في المدونة: كان مالك يقول: يمسح على الجرموقين أسفلهما جلد يبلغ موضع الوضوء مخروز، ثم رجع عن ذلك).
قال صاحب الطراز: (والجرموقان على ظاهر الكتاب (أي: المدونة) الجوربان المجلدان).
قال ابن حبيب: (هما الخفان الغليظان لا ساق لهما)، وهذا الذي قاله ابن حبيب هو المعروف. ونقل ابن بشير: (هما خف على خف) فيكون فيهما ثلاثة أقوال.
حجة الجواز ما رواه الترمذي: "أنه توضأ ومسح على الجرموقين والنعلين"، وروي ذلك عن عمر وابن عباس وجماعة من السلف، (وهذه الأحاديث قد ضعّفها أبو داود وترك العمل بها كل من يشترط الصحة في الحديث).
ومن جهة الثاني (عدم الجواز): أن القرآن اقتضى الغسل، فلا يخرج عنه إلا بمتواتر مثله وهذه الأحاديث (غير متواترة لا لفظاً ولا معنى) ولم يخرجها (ولم يأخذ بها) أحد ممن اشترط الصحة في الحديث، وقد ضعفها أبو داود، بخلاف أحاديث الخفين فإنها متواترة، (تواتراً معنوياً، فهي في درجة آية الوضوء من حيث التواتر) ولأنهما (أي: الجرموقين) بمنـزلة اللفائف، واللفائف لا يمسح عليها، وأما ما يروى عن السلف فمحمول على المجلَّدين) انتهى.
2- آراء أئمة المذاهب الأربعة في حكم المسح على الجوارب:
1- المالكية: قالوا: لا يصح المسح على الخف إلا إذا كان متخذاً من الجلد، وأن يكون مخروزاً، وأن لا يقصد بلبسه مجرَّد الزينة والرفاهية.
وجوَّز الإمام مالك رحمه الله المسح على الجوربين إذا جُلِّد ظاهرهما وباطنهما، ولكنه نهى عن ذلك مرة أخرى.
قال ابن القاسم في المدونة: (كان مالك يقول في الجوربين يكونان على الرِجلِ وأسفلهما جلد مخروز وظاهرهما جلد مخروز أنه يُمسح عليهما، ثم رجع فقال: لا يُمسح عليهما).
فانظر يرحمك الله كيف نهى الإمام مالك عن المسح على الجوارب ولو كانت مجلَّدة، فكيف بالقطنية ؟
وقال القاضي عبد الوهاب في المعونة: (لا يجوز المسح على الجوربين غير المجلَّدين).
وقال الإمام القرافي في الذخيرة: (أما إن كانت مصنوعة من المطاط أو الصوف أو الكتان أو القطن ونحو ذلك فلا يصح المسح عليها، لأنها لم تكن خفافاً مستعملة عند العرب، ولا تعم الحاجة إليها، ولم ترد الرخصة بها).
2- الحنفية: قالوا: لا يصح المسح على الخف إلا إذا تمكن لابسه من متابعة المشي به مسافة فرسخ فأكثر، بحيث يصلحان للمشي بهما من غير أن يلبس عليهما، والفرسخ ثلاثة أميال، اثني عشر ألف خطوة، فإن لم يصلحا لذلك، فإن المسح عليهما لا يصح.
قال أبو حنيفة: (لا يجوز المسح على الجوربين، إلا أن يكونا مُجلَّدين أو مُنعَّلين، لأن الجورب ليس في معنى الخف، لأنه لا يمكن مواظبة المشي فيه، إلا إذا كان مُنعَّلا، وهو محمل الحديث المجيز للمسح على الجورب)، وحكي عنه المنع مطلقاً.
والمجلَّد هو الذي وُضع الجلد أعلاه وأسفله، والمنعَّل هو الذي داخله صوف وخارجه جلد.
3- الشافعية: قالوا: لا يصح أن يمسح عليه إلا إذا كان يصلح لأن يقضي المسافر وهو لابسه حوائجه يوماً وليلة، فاشترطوا للمسح عليه إمكان السفر وقضاء الحوائج به.
قال الشافعي: (لا يجوز مسح الجوربين إلا أن يكونا مُنعَّلين يمكن متابعة المشي فيهما) ومعنى منعَّلين أي: داخلهما صوف وخارجهما جلد.
4- الحنابلة: قالوا: يشترط أن يتمكن لابسه من تتابع المشي فيه، ولم يُقدِّروا لذلك مسافة معيَّنة، بل قالوا: المعوَّل في ذلك على العرف. فمتى أمكن عرفاً أن يمشي به، فإنه يصح المسح عليه.
قال أحمد بن حنبل: (إذا كان يمشي عليهما ويثبتان في رجليه فلا بأس).
وجوارب اليوم لا يمشي عليهما إلا المجانين، ولا يثبتان على الرِجل لأنهما يتمزّقان لو مشينا عليهما
قال ابن قدامة في المغني: (قد قال أحمد لا يجزيه المسح على الجورب، حتى يكون جورباً صفيقاً -أي: لا ينفذ منه الماء إلى القدم- يقوم قائماً في رِجله لا ينكسر مثل الخفين، إنما مسح القوم على الجوربين، لأنه كان عندهم بمنـزلة الخف يقوم مقام الخف في رِجلِ الرجل يذهب فيه الرجل ويجيء).
وقال ابن تيمية في الفتاوى: (يجوز المسح على الجوربين إذا كان يمشي فيهما).
ومعناه: إذا كانا رقيقين لا يمكن متابعة المشي فيهما فلا يجوز المسح عليهما.
ونحن نرى أن جوارب اليوم لا تلبس إلا مع الحذاء، ولا يمكن المشي عليها، وما رأينا أحداً مسح على جواربه وصلى ثم خرج يتجوَّل فيهما في الشارع.
الخلاصة:
من خلال اطلاعنا على آراء أئمة المذاهب الأربعة يتبين لنا أن الجوارب التي رخَّص الفقهاء بالمسح عليها هي ما كان يستعمل للمشي، بحيث يكون داخله صوفاً أو قطناً وخارجه جلداً -من الأعلى والأسفل- حتى يتمكن لابسه من متابعة المشي عليه، وأن يكون ثخيناً لا ينفذ منه الماء إلى القدم.
أما جوارب اليوم فإنها رقيقة غير مجلَّدة، ولا يمكن متابعة المشي بها، وينفذ منها الماء إلى القدم.
ومن هنا يتبيَّن لكل مسلم متجرِّد للحق متبعاً للنبي والصحابة والسلف الصالح، أن المسح على الجوارب باطل ولا يجوز، ولا تصح الصلاة به.
لأن من المعلوم أن مصادر التشريع عند المسلمين أربعة وهي: القرآن والسنة والإجماع والقياس.
- فأما القرآن الكريم فأمر بغسل الرِجلين عند الوضوء.
- وأما النبي فأمر بغسل الرِجلين عند الوضوء وكان يغسل رجليه، ورخّص في المسح على الخفين المجلَّدين -الحذاء المصنوع من جلد- لمشقة نزعهما. "والمشقة تجلب التيسير".
ولا يوجد حديث أو أثر صحيح في جواز المسح على الجوارب القطنية الموجودة اليوم.
- أما الإجماع فقد أجمع أئمة المذاهب الأربعة على بطلان المسح على الجوارب القطنية، ورخصوا في المسح على الجوارب المجلَّدة من أعلى وأسفل، واشترطوا إمكان متابعة المشي بها عادةً لقضاء الحوائج، وأن تكون ثخينة لا ينفذ منها الماء إلى القدم. وهذه غير متوفرة اليوم.
- أما القياس: فلا يصح قياس الجورب على الخف لأنه قياس مع الفارق، فالجورب لا يشبه الخف في شيء كما هو مبيَّن في المطوية الأخرى. والقاعدة: "أن الرخص لا يقاس عليها وإنما يقتصر فيها على ما ورد".
وقد حقق هذه المسألة مجموعة من العلماء خلصوا فيها إلى بطلان المسح على الجوارب القطنية.
وقال الشيخ محمد علي الصابوني في خلاصة تحقيقه: (لا يمسح على الجوارب الرقيقة إلا من رقَّ دينه وعقله).
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأحد 2 أكتوبر - 15:32 من طرف ابو حامد
» موقعنا الجديد
الأربعاء 28 سبتمبر - 1:11 من طرف ابو حامد
» الجنة و التار
الثلاثاء 27 سبتمبر - 17:12 من طرف درصاف
» قل و أنت ساجدا
الثلاثاء 27 سبتمبر - 17:02 من طرف درصاف
» القرآن الكريم
الإثنين 26 سبتمبر - 22:01 من طرف درصاف
» كلمات في الرقائق 2
الثلاثاء 20 سبتمبر - 23:59 من طرف درصاف
» نوح (عليه السلام)
الجمعة 16 سبتمبر - 14:40 من طرف karimm3
» قصة إدريس عليه السلام
الجمعة 16 سبتمبر - 14:39 من طرف karimm3
» سيدنا ءادم عليه السلام
الجمعة 16 سبتمبر - 14:39 من طرف karimm3